المتابعة الكاملة لكأس إفريقيا للأمم ـ تونس 2004ـ في أعدادنا القادمة

تألقوا وأبدعوا واكتسحوا بطولة الصداقة بإمتياز

نصف مليون دولار لأبطالنا الأولمبيين !

مخالب الأسود تعمق جراح النمر الكوري !



الدوحة : مراسلة خاصة

في لحظة·· في مباراة·· في بطولة·· انعجن كل شيء بالإبهار المغربي وتحول أسلوب الأسود إلى أروع ظل تحتمي به بطولة الصداقة لاكوريا·· ولا اليابان·· ولاالنرويج·· ولا حتى قطر البلد المنظم أوغيرها من المنتخبات المشاركة استطاعت أن تقدم من الإبهار ما قدمه المنتخب الأولمبي المغربي·

كان اللاعبون المغاربة يقدمون إبداعا مرسوما بدقة على الملعب حولوا أسلوب لعبهم إلى اهتزازات مسموعة، وإلى >نوت< موسيقية مطربة! كانوا بطريقة لعبهم التي باتت إدمانا يبدون في كل المساحات كالشياطين·· أشيقاء·· يعذبون الخصم·· فيتعذب بشكل أجمل كل من يتفرج عليهم !

كانت البداية مضببة لم يستطع أولمبيونا أن يتحسسوا خلالها ومضة نور، لكنهم سرعان ما قلبوا السحر على الساحر وباتت أقدامهم تنزف الضوء والمتعة والفوز·

من كان يتوقع أن يقصم المنتخب الأولمبي المغربي ظهر العمالقة في بطولة الصداقة الدولية التي لعبها مجردا من أقوى أسلحته البشرية ؟ من كان يصدق أن يحول الأسود مبارياتهم بعد هزيمتهم الأولى إلى شلال انتصارات وإلى أعياد متدفقة؟

كل الذين أدركوا أن المغرب سافر إلى الدوحة من دون ثمانية من أقوى لاعبيه شككوا في قدرة الأولمبي المغربي على تجسيل حضور متميز في البطولة·· وحده المدرب مصطفى مديح ومعه مساعده محمد موح كانا واثقان من امكانيات الفريق·· وكانا ينظران الى البطولة على أنها تحد من نوع خاص·

ولم يكد الأولمبي المغربي يتدارك هزيمته الأولى ضد سويسرا ويهزم باراغوي وكوريا الجنوبية ويضمن تأهله إلى دور نصف النهائي متميزا بالأداء والأسلوب والعرض·· حتى ترسخ في يقين أغلب المتتبعين أن كأس البطولة ستكون من نصيب الأسود لامحالة·

النرويج في مهب الريح !

بدت مباراة نصف النهائي بالنسبة لأسود الأطلس قوية وصعبة فمواجهة منتخب النرويج بقامات لاعبيه الفارعة تشبه إلى حد كبير مواجهة منتخب سويسرا· لذلك كان لابد أن يحدس لها المدرب بما يلزم من الذكاء المهني معتمدا على نفس تشكيلته التي تجيد تطبيق وتنفيذ كل الرسوم التكتيية التي تتأسس عليها الشاكلة·

وما إن انطلقت المباراة حتى فرض المنتخب المغربي سيطرته وأرغم غريمه النرويجي على عدم المجازفة بالبحث عن الكثير من البناءات، لذلك تراجع النرويجيين للدفاع فيما يبدو احتراس كبير وعدم التضحية بتوازناته الدفاعية· وكادت أفضلية المغرب تترجم إلى سبق في الأهداف في د24 عندما انفرد بوشعيب المباركي بالحارس النرويجي ولم يوفق في إحراز الهدف·

ورغم أن منتخب النرويج أجرى بعض التعديلات على شاكلته خدمته بعض القدرة على تفعيل لعبه أكثرخلال بداية الشوط الثاني إلا أن المنتخب المغربي لم يفرط في أفضليته واستمر يلعب بنفس النهج الذي يعتمد على التمريرالسريع والبناء المنظم من لمسة واحدة(Diviation) مع البحث عن المثلثات والأهرامات في كل المساحات·· لذلك تاه النرويجيون·· هل يراقبون خصمهم مكتفين بإغلاق كل المنافذ في وجهه أم يبادروا بدورهم إلى البحث عن مسالك تقودهم لمرمى المغرب، فالمباراة لا تحتمل التعادل على الإطلاق؟ فإما قاتلا وإما مقتولا!

وفي ظل عسر الهضم الذي عانى منه المغرب كثيرا على مستوى التنفيذ النهائي، وإتمام العمليات، كثيرا ما سعى النرويجيون إلى البحث عن مباغثة قاتلة عن طريق الكرات العالية التي يجيدونها، لكن الدفاع المغربي ظل يتصدى لها بالمرصاد·

ضاعت على المغرب الكثير من فرص التهديف حتى تخيل البعض أن التعادل على مستوى الرقم سيسطر على المباراة حتى آخر نفس·· لكن المغاربة الذين ظلوا يترقبون اللحظة التي سيصادفهم فيها الفوز كانوا مطمئنين، فالفوز سيأتي حتى وإن تـأخر قليلا وبالفعل جاءت د·72 لتعن عن ميلاد هذا الفوز· كرة مقوسة من رجل أجدو من الجهة اليمنى ينبري لها العلاوي الذي طار فوق كل القامات وسدد بالرأس فهزم الحارس النرويجي محرزاً هدف السبق·

لكن >مقالب< الطرد لم تنته وكأن الأولمبي المغربي مقدر له أن يلعب كل مبارياته بأقلية عددية·· إنها الحالات التي زادت من معاناة المدرب مديح إذ لايكاد يضع رسمه التكيتي على الورق حتى يصطدم بحالات الطوارئ التي تستدعي معالجة جديدة·· ورسم جديد·· ففي د·75 حُكم على اللاعب عبدالواحد عبدالصمد بالطرد من المباراة، لكن ثقة الأولمبي المغربي لم تتزحزح قيد انملة· والتعامل مع هذه الحالة ليست جديدة·· لذلك تحرك اللاعبون على شكل كثلة ملتحمة وموجودة في كل المساحات حتى أن المتفرج لم يستشعر أي فرق بين المنتخبين·· ولو أن الحظ حالف الفريق المغربي في د· 65 و76 عندما ردت العارضة والقائم قدفتي أجدو وعقال لكان المغرب قد فاز بحصة 3ـ 0·

كوريا نمر من ورق

الفوز على النرويج أهل الأولمبي المغربي لمواجهة منتخب كوريا في النهائي بعدما تأهل هذا الأخيرعلى حساب اليابان·· وبدت المباراة بالنسبة للمغرب صعبة إلى حد كبير فالمنتخب الكوري حتى وإن انهزم أمام المغرب في منافسات الدورالأول 0 ـ2 ، لايبدو سهل التجاوز في مباراة حاسمة وقابلة لكل الإحتمالات· لكن في ظل تصريحه الذي وعد فيه بالثأر لهزيمته، نسي المدرب الكوري أن مهمته ليست فقط صعبة بل معقدة ومحيرة وعليه أن يبحث الوسائل الكفيلة لفك شفرة الأسود المستعصية·

ولعل تصريح المدرب الكوري هو الذي حفز المدرب مديح وأشباله أكثر ليبرهنوا للعالم أن منتخب كوريا الجنوبية الذي يطلقون عليه في بطولة الصداقة إسم النمر الكوري ماهو إلا نمر من ورق·

بداية المباراة كانت كورية إلى حد ما حاول خلالها الكوريون أن يسجلوا أفضليتهم وتفوقهم·· وخشي المغاربة خلالها أن يصادفوا مشاكل على مستوى السيطرة فيفقدون الإشعاع· نعم كانت كوريا تضرب ألف حساب قبل أن تجازف بأي اندفاع لكن الفريق المغربي حتـى وهو يلعب بتشكيلته المألوفة وثقته المعهودة لم يستطع أن يفعِل أسلوب لعبه سريعا ولم يتمكن من الإمساك بخيوط المباراة كما يجب، لكن مع تعاقب زمن المباراة بدأ الأولمبي المغربي يتذكر عادته·· يصنع المتعة بأسلوب لعبه المنظم ويبني الأهرامات والمثلثات الصغيرة هنا وهناك·· كان اللاعبون يتحكمون في التمرير حتى في لحظات المجازفة التي تستدعي تشتيت الكرات·

وما إن تنفس المغاربة الصعداء بإحساسهم بأن الأولمبي المغربي بدأ يسيطر على المباراة حتي حدث ما كنا نغشاه، هذا الفتي قصير القامة شوا شونغ كوك الذي يسمونه ماردونا آسيا القادم·· والذي كنا نستغرب كيف ولماذا تركه المدرب مديح حرا طليقا وهو الذي يعرف جيدا أنه يطلق من قدميه شهدا كالسم الزعاف·· فعلها في لحظة مباغثة تسلم كرته في د· 24 وفتح لنفسة كل المنافذ بتوغل ومراوغة اللاعبين الكبار وأهدى الكرة على طبق من ذهب لهداف الدوري شوا تاي مين فأحرز منه هدف السبق·

وبدـأت المباراة وكـأنها الرمل الذي ينفلت من بين أصابع اليد·· ولا أحد منا صدق ان يُكوى المغرب من نفس اللاعب الذي أذاق العلقم كل المنتخبات التي واجهت كوريا في هذه البطولة لكن، مديح كان محقا في تصرفه فهو لم يغامر بأي لاعب ليحرس به المارد الكوري خوفا من ضياع نسق المنظمومة المغربية التي تتحرك مجتمعة في قالب لعب واحد، وزاد من حرية هذه المنظومة طرد اللاعب الكوري كيم دو هيون، مما حتم على الكوريين إتمام المباراة بأقلية عددية·

صحيح أن المغرب بعد الهدف الكوري تاه بعض الشيء وسقط أحيانا في التمرير الخاطئ الذي كان يتقبل البناءات في المهد·· لكنه سرعان ما استعاد توازنه·· وانفعاله·· وقوته ولم يكد ينطلق الشوط الثاني حتى ظهر الأولمبي المغربي معافى، يحرك نفس الكرات المتقنة ويلعب نفس اللعب الجميل، كاد يتوجه العلاوي بهدف التعادل في د49 أمام شباك فارغة·

الوقت يستنفذ ولابد من هدف التعادل على الأقل وفي حمأة انشغال الفريق الكوري بتأمين دفاعاته ثأر العلاوي من فرصته الضائعة وأحرز هدف التعادل (د 53) بضربة رأسية إثر تمريرة من الجهة اليمنى·· وهو الهدف الذي بعثر كل الحسابات الكورية وأدخل الأولمبي الكوري في لحظة شك عارمة·· لكنه في نفس الوقت ظل يناور بلاعبه الكبير شوا شونغ كوك فهو قادر على أن يصنع الحسم في أي وقت·

وبنفس الأسلوب، وبذات الثقة استمر المغرب في البحث عن هدف يمنحه نصف مليون دولار·· ولم تكد تمضي 10دقائق عن هدف التعادل حتى ابتسم الفوز لصلاح الدين عقال الذي أحرز الهدف الثاني بعد بناء منظم وبديع الى أبعد حد، وحتـى في ظل تفوقه العددي لم يفكر الأولمبي المغربي بنهج دفاع مطلق يحمي به فوزه· فكانت نصيحة المدرب مديح إغلاق كل المنافذ مع قطع الإمدادات عن الهداف شوا تاي أوك والمناور شوا شونغ كوك لكن دون التفريط في البحث عن مزيد من الأهداف، الشيء الذي أثمر هدف بوشعيب المباركي (د 88) الذي أحرزه بمجهود فردي أكد به علو مهاراته، لتنتهي المباراة ب 3ـ 1 لصالح المغرب·

وإذا كان الأولمبي المغربي قد تألق وأبدع واستحق فوزه بالكأس فيجيب الإعتراف أن الأسلوب الذي ظهر به منح هذه البطولة الكثير من التميز والإثارة بل وأنقدها من الرتابة القاتلة التي كانت ستدخلها·

فهنيئا للأولمبي المغربي·· ألف مبروك·· والمزيد من الفوز والتميز في الإستحقاقاقات القادمة ·

اللائحة الفنية للنهائي

الأولمبي المغربي - الأولمبي الكوري·ج (3ـ1) (0ـ1)

التاريخ : 23 يناير 2004

الملعب : ستاد ثاني بن جاسم آل ثاني بنادي الإتحاد (الدوحة)

الحكم : جاسم محمد الهيل (قطر) بمساعدة هيكتور فيرغارا (كندا) وبرتينو كونا (البرتغال)

الأهداف : شوا ناي أوك (د 24) لصالح كوريا·ج - مصطفى العلاوي (د 53) - صلاح غفال (د63) - بوشعيب لمباركي (د 88) لصالح المغرب·

الإنذارات : كيم دوهيون - شو جاي جين - كيم يونغ كوانغ (كوريا الجنوبية) - الأمين الرباطي - سامي تاج الدين (المغرب)

الطرد : كيم دوهيون (كوريا·ج)

تشكيلة الأولمبي المغربي : عمر الشارف - يونس زروق - عادل البكاري - يوسف المقبول - أحمد أجدو - بوشعيب المباركي (حسن المعتز) - عبد الصمد رفيق - الأمين الرباطي - سامي تاج الدين - مصطفى العلاوي (جواد أقدار) - صلاح الدين أقدار (منير سواحيل)

المدرب : مصطفى مديح

تشكيلة الأولمبي الكوري ج : كيم يونغ كوانغ - شو بيونغ كوك - بارك كيوسون - كيم دوهيون - شوا شونغ كوك - (شو سونغ هوان) ـ شوا وون كوون - كيم دونغ جين - كيم جونغ وو (أوه سونغ بوم) - شوا جاي جين - كيم شي غون - شوا تاي أوك (شون جاي وون)

المدرب : كيم هوكون

قالا بعد النهائي

مصطفى مديح : "أنا سعيد جدا بهذا الفوز الذي تحقق لنا في أول مشاركة لنا في دوري الصداقة، المباراة النهائية لم تكن سهلة على الإطلاق، لكننا تعاملنا معها بما يلزم مهنيا مستغلين النقص العددي لمنتخب كوريا·· نحن لم نفز على كوريا لأنها كانت تعاني من نقص عددي، بل لأننا نستحق ذلك، وقد أكدنا استحقاقنا هذا طيلة مباريات البطولة، ولا تنسوا أن المغرب فاز في ثلاث مباريات وهو بأقلية عددية·· وبهذه المناسبة أشكر كل اللاعبين على جهودهم التي بذلوها وأشكر الإتحاد القطري على الظروف الطيبة التي وفروها لكل المنتخبات لإنجاح الدورة متمنيا أن يشارك المغرب في الدورة المقبلة"·

محمد موح : "أشعر بفرح عارم اتجاه هذا الإنجاز الكبير الذي جاء عن جدارة واستحقاق·· لقد بذل اللاعبون كل مافي وسعهم وأنجزوا ما كان مأمولا فيهم ويستحقون التقدير·· حقيقة كنا نخشى أن ينهار الفريق بعد الهدف الكوري لكن اللاعبين كانوا واثقين من قدراتهم ولم يستسلموا ولعبوا كرة منظمة كالمعتاد رغم شعورهم ببعض الإرهاق·· وهذا أمر طبيعي لأنهم لعبوا 4 مباريات في 10 أيام·· والحمد لله أن جهودنا لم تذهب سوى"·

أعـلـى
جريدة المنتخب – جميع الحقوق محفوظة